الجزء الثالث | المـ التنزيل - خطوة أولى في طريق فهم البنآء القرءاني

 المـ التنزيل

خطوة أولى في طريق فهم البنآء القرءاني

 

" وَإِن يُرِيدُوٓاْ أَن يَخۡدَعُوكَ فَإِنَّ حَسۡبَكَ ٱللَّهُۚ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَيَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِينَ

وَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مَّآ أَلَّفۡتَ بَيۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِيزٌ حَكِيمٞ "


نقلنا الفاتح المـ آل عمران إلى بحث الثنائيات ، و الذي نقلنا إليها فاصلة آل عمران بين الفاتح و حديث السورة عن الكتاب المـ


" الٓمٓـ (1) ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَىُّ ٱلۡقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا

 بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ (3)"


عبارة الحي القيوم وضعتنا على فكرة الإرتباط فلا يرد القيوم في القرءان إلا مرتبطا بالحي ثم لما تلونا الكلمات التي تبدأ بالكتاب المـ كما فعلنا في سورة البقرة وقعنا على المفاجأة الغير المنتظرة و هي بداية تسلسل المجموعة و نهايتها بنفس الثنائية

الميعاد  - المهاد

ثم مفاجأة تشابه كلمات الثنائية

المـ  ـيعـ  ـاد           المـ  ـهـ  ـاد


ثم يقف القارئ على ثنائية النهاية ـاد و يجد نفسه مرغما على بحث الكلمات القرءانية التي تنتهي بهذه الثنائية فتشابه الكلمتين لا يدع لنا طريقا أخر.

ثم حتى لا يترك لنا القرءان مجالا للشك في هذه الخلاصة لم يورد القرءان في نصه كلمة الميعاد إلا و هي مرتبطة بالخلف و لم يورد كلمة المهاد إلا مرتبطة ببئس. هو تأكيد لبحث الكلمات بمراعاة هذه الثنائية ، فالإشارات كلها للثنائيات.


و قبل أن نغوص في بحث هذه الثنائيات نشير أن عبارة " اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ" تشير إلى خصوصية كلمة الله فهي الوحيدة التي يمكن نزع ال الخصوصية منها "إلا هو" و هي إشارة إلى إمكان نزع ال التعريف من كل كلمة وردت فيها حتى و إن لم ترد في القرءان "منكرّة". ثم كلمة الله تدعونا كذلك لبحث الكلمات التي تبتدىء بالكتاب المـ الأعلى ورودا في السورة إذ الله هو الكلمة الأعلى ورودا في القرءان ، و هذا ما تركناه معلقا في الجزء السابق و سنبحثه في النهاية.


بحث الثنائيات سنحصره في الكلمات التي تنتهي بـ  ـاد لنوسع البحث بعدها في شموله فالفاتح معلّم ، هو إنجيل يهدينا إلى طريق البحث ثم بعدها ما إن نكتشف السر و طريقة البحث حتى نوسعه إلى أفاقه، فتنمية ما توصلنا إليه هو سبيل البحث إذ هذا ما أوصت به ءاية سورة البقرة بحديثها عن  الإنفاق :


" وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ "


و قبل الغوص في هذا البحث لا بد أن نقف طويلا الآن في سبب إختبار القرءان لثنائية الميعاد – المهاد ؟؟

لماذا  اختار تحديدا  الميعاد و المهاد ؟؟؟

لماذا اختار ثنائية تنتهي كل كلمة منها بـ  ـاد ؟؟

لماذا اختار الهاء ـهـ في المهاد ؟؟

لماذا اختار ـيعـ  في الميعاد ؟؟

المـ  ـيعـ  ـاد           المـ  ـهـ  ـاد


الألف ا تتنقل في كلمات القرءان بداية و قلبا و نهاية ، سياحة قادت بصر الياباني ليعقل بنآء القرءان من هذه الثنائية و لما بحث عن ما يشابه هذه الكلمات وجد  

الْمِيعَادَ   مِّيعَادُ    الْمِيعَٰدِ

الْمِهَادُ    مِهَادٌ    مِهَٰدًا


 نلاحظ هذا الإختلاف في رسم الكلمتين بين ألف وتدية ـا و ألف خفيفة فوق العين و الهاء نسميها الألف الخنجرية و من سورة آل عمران نعرض رسوم الكلمات


" رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ "

".... وَ لَوْ تَوَاعَدتُّمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَٰدِ ..."


كأنّ وظيفة الألف الوتدية ـا فصل الصلة بين العين و الدال و كأنّ الألف الخنجرية تشير لنا بمحاولتها للتخفيف من الصلة بين العين و الدال و لكنها لم تفلح في هذه المهمة. و لا يمكن للياباني إلاّ بحث الصلة بين العين و الدال. فهو في مرحلته هذه لجّ في عالم العلامات و رسومها و ينقله القرءان من كفة إلى كفة في رحلة داخلية في القرءان ستجعله يكتشف ما في عمارة البنآء القرءاني من كلمات و يتأقلم مع تراكيبه تباعا. هذه وظيفة أساسية في الفواتح ، ليس فقط لبيان البنآء الداخلي بل لجعل من يقرأ يتابع كل تفاصيل الكتاب.


و انتبه الياباني بحكم انتباهه لإرتباط الصوت بالرسم إلى أن اختيار الميعاد و المهاد له دلالة واضحة فالهاء و العين و الياء هي العلامات الثلاثة التي يتغير رسمها في القرءان تغييرا جذريا


ـعـ  عـ  ع

هـ   ـهـ   ـه   ه 

يـ  ى 


العين تغلق  ـعـ  و تفتح  عـ  و هو أمر غريب جدا و الغاء كذلك لكن رسمها هو رسم العين مع نقطة فرسم العين يكفي للدلالة على تغير الرسم ، أما الهاء فهي بين رحم بسيط ـه ه  إلى رحم يحمل بطون هـ إلى رحم سفلي يعلوه فوق السطح رحم علوي ـهـ . أما الياء فغياب النقطتين عنها في آخر الكلمات لا تخطئه العين.


إختيار  ـيعـ   ـهـ  في الميعاد و المهاد ليس عبثيا بل هو إشارة واضحة للإنتباه لقضية الرسم و إختيار الميعاد و المهاد هو كذلك للإنتباه لرسم الألف ا .


 رسمي الكلمتين الْمِيعَادَ الْمِيعَٰدِ في هذه المرحلة الإبتدائية يدعونا لبحث علاقة الإرتباط بين العين و الدال. 


" وَ الْقَمَرَ قَدَّرْنَٰهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ "

"  عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَ اللَّهُ قَدِيرٌ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "

" إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ"


الياباني يرّكز في الرسم و العلامات فليس له في هذه المرحلة التخمينية إلاّ هذا و الذي زاد في إقناعه بمساره هذا هي ياء  الحى و ـيـ القيوم ، الهاء ـهـ في المهاد و هذا التنوع في كتابة نفس الكلمات بين الْمِيعَادَ   مِّيعَادُ    الْمِيعَٰدِ ، بين ألف وتدية ـعَا  و ألف خنجرية ــعَٰـ .

إنّ الياباني و في التسجيل الصوتي يسمع نطق هذه الكلمات و هي عنده نفس الكلمات لكنّه و هو يلاحظ الرسم يرى الرسوم مختلفة و حينها فكل رسم يشير إلى نفس الكلمة ، إلى نفس المفهوم لكن بفرق دقيق.


ثم الإكتشاف الخارق.

عـ علامة متجهة للخلف و ـد متجهة للأمام و. نحن هنا أمام تناقض رهيب بين إلتقاء علامتين إحداها تشير للخلف للماضي للعودة و إشارة تشير إلى الأمام إلى المستقبل إلى التقدم إلى الدفع نحو الأمام .
الحل الوحيد لهذا التناقض أن لا عودة و لا تقدم و أننا في وقفة ثابثة. ربط العين بالدال تعبير عن نقطة محددة في التاريخ أو في الجغرافيا أو في فكرة بلغت ثباث بحثها أخيرا.


عـ ـد في تحديد سبب الربط إكتشاف ياباني رهيب و تبعه إكتشاف أخر ، أن ـعـ يعني إغلاق العودة ، فالعين أغلقت و كأن العين المفتوحة تعبر عن علامة تحت الضغط.

فالعين المختنقة ـعـ تعني أن العين المنفتحة عـ تحت توتر ، تحت ضغط ، طرفيها تحت توتر و ضغط و بضغط أكبر يمكن غلقها.





هي عودة تحت ضغط و عندما تُغلق هذه العين معناه استحالة العودة تماما . "لا يخلف الميعاد" فلا خلف هناك و نحن في التلاوة لا يمكننا العودة إلى الخلف إذ العين أغلقت. نحن متجهين إلى هذا الأمام دون إمكان التوقف و لا العودة.



فما الفرق إذن بين الْمِيعَادَ والْمِيعَٰدِ ؟؟

في الْمِيعَادَ فصل بين العودة و التقدم فالألف الوتدية تكسر هذا الإتصال بين العين ـعـ و ـد ـعد ، فالإتصال بينهما الْمِيعَٰدِ يعني أننا في الموعد أن العودة و التقدم التقيا  أما الفصل بينهما  الْمِيعَادَ يعني فصل الماضي عن الحاضر و أنّ المسيرة متصلة و أن العودة مستحيلة نتيجة غلق العين.. 


" رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ"


ثم علامة الدال برسمها الموحي بالدفع 






 قاعدة أفقية و حائط عمودي مدفوع قليلا. حاجز تحرّك قليلا في أعلاه من شدة الضغط على يمينه نتيجة الدفع. علامة إذن تدل على الدفع

" وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ " البقرة


" وَجَعَلۡنَا مِنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ سَدّٗا وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ سَدّٗا فَأَغۡشَيۡنَٰهُمۡ فَهُمۡ لَا يُبۡصِرُونَ" يس


فالدال سد و المفهوم الذي تبطنه هو إذن الدفع ، فالرسم يشير إلى شكل يبطن مفهوما داخله فالسد بين أيديهم أي في مجال حركتهم يمنعهم من التقدم و السد من خلفهم يمنعهم من الخروج من مرحلتهم و العودة إلى سابق عهدهم.


" إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَ هُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَىٰ وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَ لَوْ تَوَاعَدتُّمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَٰدِ وَ لَٰكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَ يَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ" الأنفال


هنا التصقت العين بالدال و العين و نحن إذن في لحظة المواجهة لا عودة ممكنة و لا تقدم ممكن ، و ليسمح لنا الياباني أن نخرج من متاهته لنستعمل مجهودنا السابق الغير مؤسس  في فهم هذه الآيات و قراءتها قراءة تاريخية. جانب لم يعّد عدتّه للمواجهة هو في حال ضعيفة "العدوة الدنيا" و جانب قد أحكم عدته و تحضيره من كل الجهات "العدوة القصوى" و لقد تم اللقاء في مكان لم يحدده أي طرف " و لو تواعدتم لاختلفتم في الْمِيعَٰدِ" و لكنّه موعد تم تحديده بعناية و لا يمكن لأي طرف أن يفلت منه " وَ لَٰكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا" .

 

إلى هنا أخذ الياباني رأسه بين يديه و كأنّه اكتشف و لأول مرة طريقة لضبط مفاهيم كلمات هذا الكتاب من مجرّد ملاحظة رسم علاماته و إلى هنا اقتنع أن الألف إن أتت بين عظمين فمهمتها الفصل بين مفهومين كان يمكن أن يجتمعا ليكوّنا مفهموما واحدا آنيا. و الياباني إذن استخرج مفهوم الألف الذي سيؤكده في دراساته المستقبلية تباع . فالألف حائط

هو في البداية يرسم الإنطلاق

و في الوسط يفصل

و في خاتمة الكلمات يعلن النهاية 


و يمكن للقارىء أن يتأمل هذه الكلمات 



الصَّفَا     الدُّنْيَا       الْعُلْيَا      الْأَقْصَا   الرُّءْيَا    عِوَجَا  عِوَجًا

مِصْرًا هُودًا  لُوطًا     عَادًا وَ ثَمُودَا      نُوحًا

طَغَا طَغَىٰ      الرِّبَوٰا

الْبَلَٰؤُا    الْعُلَمَٰؤُا    الْمَلَؤُا



أما الألف الخنجرية فهي حائط لكنه حائط لم يتأسس ، يشبه الحائط الذي ارتفع و ها هو الوصل بين ما كان منفصلا تحقق. 

يؤسس الياباني إذن مفهوما للكلمة بملاحظة رسم علاماتها و حين يرسم المفهوم عليه بعدها أن يبحث عن المعاني التي يعطيها السياق. إنّ هذه هي فرضيته الإبتدائية في محاولة الغوص في هذا الكتاب ، هذا ما قاده إليه الفاتح التعليمي المـ في بدايات تعليمه خطوة خطوة إلى دخول الكتاب الذي يشبه محيطا عميقا يعلّم من يريد الغور في أعماقه كيفية الدخول إليه.


ثم تذكر الياباني المـ ، و أراد الآن أن يرسم مفهوما للميم. الميم  هي  التي أوصلتنا لكل هذا بدءا من اتصالها الأوّل من فاتح سورة البقرة المـ. الميم هي المسؤولة عن الإتصال ، هي من تبحث حين نقصّها عمن تتصل به ، لكنّه اتصال خاص.

الميم تشبه الرحم الفارغ ، وعاء مغلق لا ندري ما يحمل و هذا الرحم يبحث عن الإتصال تارة مـ و يستقر حينا آخر م.


ما دامت الميم تبحث عن الإتصال فهي رحم يحمل في داخله كل علامات الإتصال. يمكن للياباني أن يغامر بتعريف أوّلي لغتية ما يؤكد هذا التعريف بمنهجية أكبر 

الميم رحم اتصال


حين تتصل فهي تجسد ما يحمله من اتصلت به ، فمن دون هذه الميم يبقى الحامل دون حياة



" وَ جَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَىِّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ "  الأنبياء



 و بتعبيرنا فالميم المتصل مـ في شكله يشبه الحيوان المنوي الذي يبحث عن بويضة لتلقيحها و باتصاله ينشأ الحياة كذلك القرءان رحم اتصال يبحث عمن يقرأ و يتزاوج القارىء و النص تتولد الخلافة. 





" المهاد " رحم اتصال أو مرجعية بتعبيرنا جعلت الغيب شهادة ـهـ ففي هذه الهاء عالم تحتي سفلي و عالم علوي ، فما كان في الأسفل ينتظر تجاوز السطح ها هو تجاوزه ، و تحول هذا الغيب لشهادة غايته و نهايته الدفع و لكن هناك حائط بين ما تحوّل شهادة و الدفع. إنه بتعبيرنا التمهيد ، تحضير الأرضية للقيام بما نريده أحسن قيام و يورد القرءان عبارة "مهدت له تمهيدا" في سورة المدثر. ثم بعدها يمكننا أن نلتفت للربط بين بئس و المهاد في القرءان ، كل هذا المهاد لم ينتج غايته للأسف.


ثم عاد الياباني لبحث فكرته الأولى ، فكرة سبب إيراد الثنائية و لا شك أنّه تعلّم الآن أن يركز في كل علامة تأتي بعد الفاتح ليجرّب كل فرضية حتى يصل إلى ما تريد يشفره  الفاتح في كل سورة يرد فيها فاتح.



المـ  ـيعـ  ـاد           المـ  ـهـ  ـاد



هل نبحث عن علاقة الإرتباط بين ـيعـ   و الهاء ـهـ مع أن لا إشارة إليه. لنجرّب. إن بحثنا عن كلمات وردت فيها ـيعـ متصلة بالهاء ـهـ مباشرة تضعنا على كلمة واحدة في القرءان



فَبَايِعْهُنَّ



و إن بحثنا عن كلمات وردت فيها الهاء ـهـ متصلة بـ ـيعـ فسنجد كلمة وحيدة ليست إلا الفاتح الخارق



كٓهيعٓصٓ



و كأنّ من صاغ النص يعرف أننا سنجرب بحث هذا الإتصال و يحيّينا من هنا ليخبرنا أن التلاوة لها سهم من اليمين إلى الشمال ، فالبحث بالفاتح المـ إن قادك لفاتح آخر فأنت في حلقة مفرغة تبحث عن فاتح ليفتح فيفتح لك لتجد فاتحا آخر و يظهر إذن أنّك مع فاتح حتى تجده تحتاج لفتح غرفة و بدل لغز أنت أمام لغز أكبر.

 ليس هذا القصد إذن من إيراد هذه الثنائية الميعاد ـ المهاد.  لم يبق أمامنا إلا الثنائية المرتبطة ـاد


كان يمكن إختيار ثنائية أخرى لا تحمل نفس النهاية كثنائية التوراة – الإنجيل مثلا لتنبيهنا لقضية الإرتباط و الثنائيات لكن إيراد كلمتان تنتهيان بنفس النهاية ـاد له دلالته للبحث عن الكلمات التي تنتهي بهذه النهاية.

لهذه الإشارة أهميتها القصوى فبعد تحديدنا لمفهوم الدال "تدل على الدفع" فمن خلالها يمكننا تعيين مفاهيم العلامات التي ترتبط بها و يمكننا إزالة ال التعريف منها فالله هو الكلمة الوحيدة العصية على هذا "لا إله إلا هو" و يمكننا الإكتفاء بما اختلط بعظم دون الحاجة لإيراد الكلمة بكل تفرعاتها  دون الحاجة لإيرادها بكل بقرها و غنمها و عند الإحصاء سنحصل على الكلمات التالية



حَادَّ

إلحاد

جاد

ثاد

أَوْتَادِ

عِبَادِ

باد

فُؤَادَ

أَرَادَ

جَرَادَ

رَادَّ

ذاد

نَزْدَادُ

شِدَادٌ

حِدَادٍ

خاد

مَعَادٍ

ظاد

طاد

ضاد

مِرْصَادِ

رَّشَادِ

فَسَادَ

زَّادِ

لاد

كاد

قاد

أَصْفَادِ

نَّفَادٍ

غاد

مِيعَادَ

عَادٍ

جِيَادُ

وَادٍ

مِهَادُ

جِهَادٍ

هَادٍ

تَّنَادِ

رماد

عِمَادِ



 الخانات الملونة بالأحمر يعني أن لا وجود لمثل هذا الإتصال أبدا في القرءان فـ "ثاد" في احمرارها تعني أن لا وجود لكلمة فيها "ثاد" في القرءان أمّا الخانات باللون الأخضر فيعني أن لا وجود لكلمة في القرءان تنتهي بهكذا إتصال رغم وجود هذا الإتصال في الوسط فـ "طاد" مثلا موجودة في كلمة "فاصطادوا".

لنبدأ بحث الممنوعات ، أي غياب الوصل نهائيا في الحالات الأربع



ظاد

ضاد

ذاد

ثاد



لا وجود في القرءان لصلة بين الذال الدال ذد دذ  و هو أمر محير إذ في القرءان صلة بين الدال و نفسها دد "يرتدد – يمددكم ... " ففيه دفع الدفع أي تواصل الدفع أو الدفع المتصل المضاعف المتصاعد و ما دامت الذال ذ من نفس رسم الدال د فلما غياب الصلة ؟؟

لقد انتبه الياباني لقضية الإتجاه في القرءان فالتلاوة من اليمين للشمال و في القرءان سطح و ما تحت السطح عالم سفلي تحتي و ما فوق السطح عالم علوي مرتفع 



" وَ جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ وَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا "



فالنقطة في الذال ذ في حالة ارتفاع كأنّ الدفع يرفع ما من يدفعه فالمدفوع في حالة سفلى و دفعه نحو أعلى فإضافة الدال على الذال ذد  هو حالة  غريبة إذ من تدفعهم أو يدفعون للتعالي مطالبون هم بالدفع !!!  كيف لمن يحتاج للدفع أن تطالبه هو بالدفع ؟؟  


" فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَ الَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ "


أما دذ فتكرار لا معنى له إذ الذال ذ تعني الدفع نحو أعلى لمن تدفعهم و هذا يكفي ، فالدفع غايته أن يوصلك فإضافة الذال له عبثي. و نجد في اللغة العربية فعل ذاد للتعبير عمن يدافع و يقاوم و لكنها اللغة حين تشتق بأعجميتها لتخلق مصطلحاتها في عبقرية الإشتقاق و لكنها تفتقر للبنآء الداخلي الذي لا يسمح بتخليق جزيئات غير مستقرة في ربطها. و نجد في القرءان هذا المقطع 


" وَ وَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ"


نحن هنا في دفع نحو أعلى من امرأتين ، هذا الدفع للأعلى سيوصل بالواو ليصل لمستوى الدفع. أي أن الـ امرأتين تحاولان أن تبلغا مستوى الدفع لكنهما في حالة محاولة الإرتفاع و اللحاق فهما من دون أمة الناس حولهم ، تحت المستوى بتعبيرنا 



" وَ لَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَ وَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَ أَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ " القصص


 

 نسجل هنا ملاحظة بالغة الأهمية فلا وجود لوصل في الجدول أعلاه بين علامة و ـاد  إلاّ و العلامة موصولة بالدال مباشرة متجاوزة الألف فوجود  غاد يعني وجود غد ووجود ـساد يعني وجود  ـسد


و لنعد الآن لغياب  "ثاد" و غياب " ثد " في القرءان كله لكن العكس موجود في نهاية بعض الكلمات أي دث و ثاد في 


المحدث   المدثر   الأجداث


الثاء بث يعني إنتشار منهجي مدروس و دقيق و لا عشوائية فيه كالبث التلفزيوني فالتردد دقيق و لا يمكن التقاطه إلا بجهاز خاص و كذلك بث الأحياء في المجرات فليس كل كوكب يصلح لأن نحيا فيه و ليعذرني القارئ أنني أسابق النتائج و لكن أطالبه بشيء من الثقة فهذه المفاهيم سترسم في حينها.

أن تدفع لتصل إلى مستوى منهجية الإنتشار فهذا هدف كبير أما ثد فمحال فالإنتشار المنهجي لا يمكن أن يسبق الدفع. و في القرءان حديث عن ثمود ، عن إنتشار ممنهج لمرجعية (رحم اتصال) موصولة للدفع ، بتعبيرنا إمبراطورية تمد شبكتها بمنهجية في كل مكان تستطيعه للدفع لغاية محددة. لكنّنا هنا أما إتصال الثاء بالدال عبر قنوات طويلة و ليس إتصالا مباشرا.


و أمّا " ضاد " فغياب وجودها محيّر في الوهلة الأولى إذ " ضد " موجود في القرءان في كلمات

ضد  - عضد

صـ صاد  شبكة صيد ففي إنتفاخ جهتها اليمين تشير إلى حركتها نحو اليمين و انتفاخها يعني تزايد حمولة محتواها و من في الحمولة لا يستطيع الخروج لأن فتحة الشبكة في الجهة اليسار مغلقة. و الضاد ضـ تعبر إذن عن تعالي ما يصطاد ، أنّ من تحاول صيده أعجزك فهو متعالي عن أساليب صيدك.

ضد، من تحاول صيده متعالي و هدفك الدفع و أنت إذن في مهمة مستحيلة فالذي تريد صيده هو من يعيق دفعك.

أمّا عضد ففيه عودة في العين أي إمكان الإتدارة عمن يضاد حركتك و دفعك


" مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَٰوَٰتِ وَ الْأَرْضِ وَ لَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَ مَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا"

" قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَ نَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَٰنًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِءَايَٰتِنَا أَنتُمَا وَ مَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَٰلِبُونَ"


يمكن إعتبار علامة صاد صـ بصرا و الأمر أكيد فالبصر ليس إلا صيدا لصورة. فتحديد الأشياء بالبصر ليس إلا تعيينها ضمن أشياء حولها و هذا هو الصيد تحديدا. و لكن في راء البصر ما هو أبعد في تحديد مفهوم البصر.


فلما غابت  " ضاد" في القرءان ؟؟

الفصل بين الضاد ضـ و الدال د يمكن فهمه بسهولة فلا يمكن و أنت تجد في معارضة في سيرك و دفعك و حركتك أن يكون الفاصل الزمني مثلا موصلا لك للدفع فلا بد أن تجد عضد.

في اللغة العربية كلمة مضاد حيوي و يمكن تسميته بالعضد الحيوي ربما اقتربت اللغة حينها من الإشتقاق القرءاني.

و لا نجد في القرءان "دض" و لا "داض" فهو دفع لتصل لإستحالة الصيد، إنه طلب بلا معنى


و أمّا غياب " ظاد" ، فلا بد من وقفة مع الظاء. و هذا جدول اتصالها بالعظام في القرءان و هي مبتدئة مع توضيح بعض الأمثلة 



ح  ظ   ر

غ ظ

ع ظ

ش ظ

ح ظ

ظ ع

ظ ر

ظ

محظورا

الغيظ

عظيم

شواظ

حظ

ظعنكم

تنظرون

ظُلُمَٰتٍ

محتضر

غليظ

موعظة

 

حفيظ

 

تَظَٰهَرُونَ

مظلما

 

 

العظام

 

محفوظ

 

أظفركم

ظَلِيلًا



الظاء في القرءان هو الأقل اتصالا بغيره من العظام و في  الجدول السابق كل اتصالاته مع العظام و بعضا من البقر و الغنم التي تحويه و تظاهره بين العظام. و تقديم هذا الجدول توطئة لتفاصيل دراسة الجذور مستقبلا في علامات أكثر وفرة. فدراسة اتصال عظم بمجموع العظام و دخول البقر و الغنم على شبكة اتصاله محيط عميق في بحث كلمات القرءان التي لا تنفد ، كل هاته الإتصالات مقدرة و مضبوطة و إن كان الأمر هنا يلوح فقط في بدايات دخولنا للمحيط.


 الصاد صـ صيد و الطاء ط إنعتاق، فالألف تشير للأعلى ، أي إمكان من في الشبكة أن يخرج منها و هكذا الطائر يعبر عن إنعتاقه من الجاذبية حين يحلق في الجو



" وَ مَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لَا طَٰئِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَٰبِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ " الأنعام

  


و نجد مصداق هذا المفهوم حين تتصل الصاد بالطاء و تنكشف العلاقة في الكلمات القراءانية التالية



تصطلون

اصطنعتك

يصطرخون

اصطبر

اصطفى



حين نحذف الطاء نعود لكلمات قرءانية معروفة  : مصفى – صبر  -  مصرخ – صنع – تصلى. اتصال الطاء بالصاد يعني إمكان من في الصيد أن ينعتق و لما تتصل الضاد بالطاء في فعل الإضطرار فهذا يعني أن من يدور في الحلقة المفرغة و لم يستطع تحقيق هدفه ضـ و الذي يبحث عنه صعب المنال لا يستطيع صيده يمكنه الآن الإنعتاق من هذا الضر و يصل للهدف فالمضطر اضطراره مرحلي و الإنعتاق منه مسألة وقت. و فرق بين ظل و ضل ، فالظل انعكاس لأمر على الذات باق و دائم لا يمكن الإنفلات منه أما ضل فتعبير عن التيه ممن لم يجد سبيله بعد فما يبحث عنه صعب المنال محال الصيد


"وَ إِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَ هُوَ كَظِيمٌ" النحل


بعد كل هذا نصل للظاء. فالحلقة في الرسم متصلة 

صـ      ضـ     ط      ظ


فالظاء إذن من تعالى على الإنعتاق و لا يمكن لجهة مهما فعلت أن تعتقه ، أن تخرجه من حال تعاليه.


" وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَٰتٍ لَّا يُبْصِرُونَ " البقرة


لا اتصال مطلقا بين الدال و الظاء ، لا اتصال دظ و لا اتصال ظد  و لا اتصال ضعيف أين يدخل بينهما بقر أو غنم فالإتصال منقطع تماما في القرءان بين هذين العظمين. غياب هذا الإتصال ليس عبثيا و كان يمكن أن يأت الظاء بعيدا عن الدال و يمكن بعدها التحايل لرسم المفاهيم و المعاني و لكن القرءان لا يترك مجالا. و ربما أعاد الناس هذا الغياب لصعوبات النطق و حتى هذا بعيد إد يمكن الفصل بين العظمين بفواصل طويلة تسمح بوجودهما في الكلمة.


لنبق الآن في دراسة الإتصال الملتصق فلا وجود لـ " دظ " و لا "ظد" . إذ لا يمكن دفع من لا يريد الإنعتاق و متمنع عنه و متعالي عنه و لا يمكن لمتعالي أن يدفع في إتجاه هو أساسا متعالي عنه.


يدرك القارىء بعد هذه الجولة أنّ كل هذا إجتهاد مرحلي من الياباني لبداية رسم المفاهيم و ما لم تؤكده تقاطعات أخرى فالأمر فرضية إنطلاق ليس إلا و لكن لحسن حظ الياباني فمفاهيمه التي أسسها إلى الآن يدعمها الكلمات التي تنتهي بـ ـاد.  ثم يعود الياباني للخانات الملونة بالأخضر في الجدول



لاد

قاد

طاد

خاد

جاد



لا وجود لهذه الصلات في القرءان في نهاية كلمات القرءان  و ينبغي الإشارة أن لا وجود مطلقا لثلاث صلات بين هذه الخمسة لا في أول الكلمات و لا في وسطها و لا في نهايتها 



لاد

خاد

جاد



هذه الصلات الثلات لا وجود لها مطلقا في القرءان لكننا نجدها بدون الألف 



لد

خد

جد

خَٰلِدُونَ

يَخْدَعُونَ

الْمَسْجِدِ

الْوَٰلِدَيْنِ

أَخْدَانٍ

يَجِدْ

وَلَد

خَدَّكَ

جِدَالَ



نفس تقنية التصاعد لرسم مفهوم الجيم ج و الحاء ح و الخاء خ فالحاء فتح لمغلق 


" وَ إِذَا لَقُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَالُوا ءَامَنَّا وَ إِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ " البقرة


، تشبه المحارة في انفتاحها و الجيم أسفل هذا الفتح فغايته أن يصل إلى الفتح. الحج إذن فتح الدلائل و البراهين لجعل من لا يعرفها في مستواه أي في المستوى السفلي.

" فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ "


أن تحج البيت أي أن تجعل البيت في مرتبة المغلوب ، أن تجعله في مرتبة سفلى ، أن تكون يدك أعلى منه تتحكم فيه.

أمّا الخاء فخروج. خروج من الفتحة ، من الفرن ، من المحارة و لا يمكننا أن نقول نفس الشيء عن الضاد ضـ فالضاد لا يعبر عن خروج لأن العلامة صـ منغلقة ابتداءا.


" وَ إِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ " البقرة


"جاد" أشبه بالمهمة المستحيلة فمن هو في حالة الضمور لا يفصل بينها و بين الدفع بل يمكننا فقظ توجيهه فهو أساسا هنا للتنفيذ فهو لم ينفتح بعد على أفاق أعلى ، فـ سجد حديث عن التنفيذ و يمكن للقارىء أن يعترض هنا فيقول لا يمكن لمن هو في درجة أسفل أن يدفع و هذا كلام دقيق و عميق و الجواب عنه متعلق بعربية القرءان فلن تجد في القرءان كلمة

جِد

هكذا مستقلة ، فلا يمكن لمن هو في حالة ضمور عميق أن يدفع فالكسر سحب نحو الأسفل نحة عالم الخفاء و الضمور و لكنّنا نجد في القرءان كلمة جَد مستقلة 


" وَ أَنَّهُ تَعَٰلَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَٰحِبَةً وَ لَا وَلَدًا " الجن


فمن هو في حالة الضمور لكنّه ضمور متعالي جَـ ، ضمور مؤهل للتعالي و لذلك ليس في القرءان كلمة الجَّد للتعبير عن والد الوالد ، صحيح أن الجد ضامر في الجينات فهو البنآء التحتي للحفيد لكن صفة التعالي ليست ملتصقة به فقد يسبق الحفيد الجد في مجالات كثيرة. نعود للقول أنّ البنآء القرءاني خاص لا إصطلاح.

غياب " جاد " يعني أن لا وجود لفصل بين جِ و الدال د  إذ لا حاجة له فمتى وُجد الجيم و الدال فيكفي وجود من يدفع هذا المنفذ ليبدأ الدفع  "مسجد". أما غياب " خاد " فمن خرج من الفتح و هو في حال أعلى لا فاصل بينه و بين الدفع 


" خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِم بِهَا "


فالأخذ ليس سرقة بل هو جهة أعلى بحكم خروجها من البوتقة و يمكنها بحكم صدقها  "صدقة" أن تباشر عملية الدفع نحو أعلى لمن تأخذ منهم. و هو ليس فقط دفع نحو أعلى بل تطهير و تزكية. إنّنا هنا في عالم المُثل المتحقق في دولة المؤمنين.

و نجد في القرءان كلمة "جامدة"

" وَ تَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِّ" النمل


فمن هو في الأسفل هنا وضعت هنا له فاصلة ، حد ، حائط ليبقى جامدا هناك لا يتحرك و هي وحدها من تستطيع دفعه نحو ما تريد. أما غياب " لاد"  في القرءان فاللام حامل ، هي من تحمل 


ل  ك

فاللام تحمل الكاف و الكاف برسمها كـ ثم بسفرها في اللام تمثل ما يشبه البصر التلسكوبي الذي ينقلنا بعيدا ليجعل المتناهي الإتساع مبصرا في تفاصيله أو بصر مهجري يجعل المتناهي الصغر مبصرا في تفاصيله. فاللام ناقل هي من يحمل و إذن يستدير في جميع الإتجاهات متحركا و الكاف يكبّر و يفصل. اللام ينقل إلى الهدف ، اللام يعبر عن النقل للهدف للغاية لتفاصيل ما نريد و عندما تأتي الألف الوتدية حائطا عليه  تمنع عنه إمكانية النقل لنجد أنفسنا أمام نفي


لا

" وَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَٰنَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَٰوَٰتِ وَ الْأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَٰنِتُونَ "


مآل نحو الغيب " لـ ـه " و ما زلنا في كشف الغيب متنقلون من أبعد إلى أبعد


غياب " طاد" في نهاية كلمات القرءان يضعنا أمام معضلة إذ هو موجود في وسط كلمة واحدة في القرءان

 


" يَٰأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَٰئِرَ اللَّهِ وَ لَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَ لَا الْهَدْيَ وَ لَا الْقَلَٰئِدَ وَ لَا ءَامِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَ رِضْوَٰنًا وَ إِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا " المائدة



هي الكلمة الوحيدة في القرءان التي ورد فيها الجزيء  " طاد" و هو أمر خطير إذن و جلل كأن هناك قاعدة كسرت

 لخطورة الأمر الذي تتحدث عنه الأية.

أن تحل شَعَٰئِرَ الله أي أن تسمح لأي كان أن يدخل لمعرفة هذه الدائرة.  دائرة شَعَٰئِرَ الله هي دائرة التدقيق في وسائل التحكم ما نسميه بلغتنا آليات الإستشعار الدقيقة الموصلة إلى الشهر الحرام و الْهَدْيَ وَ لَا الْقَلَٰئِدَ. و ليس الأمر متعلقا بأدوات للزينة بل بكائنات أغرب من الخيال في البنية التحتية للمادة فالشهر الحرام هو ما نسميه في الفيزياء الكواركات و لم نصل بعد إلى إمكانية كسرها و هذه الكواركات منها أربعة حرم لا يمكن الدخول إليها و كسر إرتباطاتها أبدا و يتحدث القرءان هنا إلى إمكانية إستخرج الطاقة الكامنة الهائلة في الكواركات ، فالكواركات اكتسبت هذه الطاقة الهائلة في بداية خلق الكون ، في حدود ما بعد الفجر ( الإنفجار العظيم ). هذه المعرفة التي تسمح للذين ءامنوا بالتفوق العلمي و العسكري هي حدود يجب عليهم مراعاة من يعطوه إياها مراعاة كبيرة و مشددة. فالمؤمنون منفتحون ليستفيد غيرهم بفتوحاتهم العلمية لكننا هنا في ميدان خطير فإمكانية تهديد كل الإنسانية لمن يملك التحكم في تقنيات استخراج هذه الطاقة واردة جدا و لذلك لا يمكن الكل للكل للذين ءامنوا أن يجعلوا هذه المعرفة مشاعة للكل  و أن تحليل هذه المعرفة مشروط و في حدود ضيقة جدا التي تعبر عنها الفاء " فَاصْطَادُوا" ، فالفاء مسار ووعاء ضيق لمن يملك التعالي لدخوله. و هذا التحليل هو فقط لمن هو في صيدنا ، من يمكننا التحكم فيه ، تحكما ليس من منطلق تبعيته لنا بل هو من منطلق إمكان ردعه ، فهذا الذي يمكننا أن نطلعه على هذه الأسرار هو أصلا يمتلك إمكانية الإنعتاق منّا "ط يصطادوا"  فهو قد بلغ مستوى المعرفة و التحكم في الآلية التي  تمكنه من التحكم في الشعائر و الشهر الحرام و بينه و بين الدفع النهائي حائط. حتى هذا لا يمكننا إن نعطيه وسائل التحكم إلا في حدود ضيقة جدا و بشروط مكثفة. و لا بد أن نراقبه و نواصل مراقبة هذا الدفع إلى النهاية " فَاصْطَادُوا


إنّ هذا المقطع يصف مجتمع الذين ءامنوا فهو متفوق  طبيعة يحمل صفة العلو يتحكم في مستوى العلاقات الدولية و يمنع الجهات العابثة أن تصل لما يهدد الأمن العالمي العام. 


غياب "طاد" في نهاية الكلمات يعني أن الكلمة في القرءان عمارة فنهايتها ليست كوسطها و ليست كبدايتها لكن فالمنعتق في نهاية مطافه لا يمنعه مانع من الدفع.


في هذه السياحة الرسمية تم تحديد الكثير من مفاهيم العلامات و سيتم رسم مفاهيم العلامات الأخرى تباعا في الجزء الرابع بتتبع الرسم و بوسائل تتبع الثنائيات كما سنرى و قبل الختام يعود الياباني لما وعد به و هو تطبيق تنزيله على الكلمات الأعلى ورودا في سورة آل عمران

.


ٱلۡمـٔاب

المسومة

المقنطرة

المهاد

الميعاد

المتوكلين

المنكر

المحراب

المستغفرين

المنفقين



الْمَلَٰئِكَةِ حتى رسمها صعب بالكومبيوتر الياباني فالهمزة في الأسفل في العالم التحتي و الكسرة تدفع نحو هذا التحت تباعا


 " ءِ ". إننا هنا في العالم التحتي ثم العمارة 

ال    ـمـ     ـلـ    ـكـ    ـة


ال الإختصاص فالملئكة عالم خاص تكوين خاص ثم رحم اتصال ، مرجعية اتصلت باللام الغاية ، متصلة بكاف الكبرياء التي إن ذهبت للمتسع نقلت تفاصيله و أوضحت و إن انتقلت للمتناهي الصغر كشفت العمارة. ثم رحم لا يأتي إلا في نهاية الكلمات، في نهاية المطاف ، رحم ترتفع منه زوجية ، ففي نهاية المطاف لا بد من تزويج كل ما في الكلمة ليخرج ما فيها، فلا بد من وضع الملئكة ملكا ملكا في رحم نهائي لتجميعها حتى يتم إخراج حقيقتها. ثم الهمزة 

ء

عين مقطوعة الإتصال ، يعني استحالة العودة ، هي تعبير عن الأونتروبيا في عالم الفيزياء ، كالزمن مثلا فهناك في حالته استحالة العودة للوراء فالزمن سهم متصاعد و الإنسان كذلك حين خلقه لا يمكننا إرجاعه لبطن والدتة و لا إلى خليته الأولى فنحن أمام كائنات لا يمكننا تغيير ماهيتها فإرجاعها لبداياتها قبل التشيء محال.


إننا نتحدث هنا عن لبنات الكون الأولى فهي في عالم تحتي غائر في التحتية و هي ماهيات ثابثة لا تيمكن تغييرها و المرجعية التي تحملها هي لهدف و غاية ، غاية جعل ءادم خليفة و لا يمكن لهذا الحدث الخلافي أن يحدث دون أن نسجد الملئكة جميعا إنتهاءا بإسجاد المتمنع فيها و هو إبليس و حين يتم إسجادها واحدا واحدا و التحكم فيها فبإدخالها في بوتقة واحدة مجتمعة و بإستعمالها جميعا يمكننا حينها أن نصبح خليفة.


الفيزياء الحديثة سمحت لنا بفضل جهود علمؤا كثيرون بكشف ماهية ستة من الملئكة من بين السبعة و هي 




هي سبعة 

رسول مسؤول عن القوى النووية داخل الذرات فهو المسوؤل عن بقاء الكواركات متلاصقة مستقرة هو  gluon

ثلاثة رسل مسؤولة عن تحول النيوترون إلى إلكترون و بروتون و هي   Z ;  W- ;  W +

رسول مسؤول عن القوة الكهرومغناطيسية و ليس إلا الفوتون، النور بتعبير القرءان  γ

رسول مسؤول عن إحساس هذه الجزيئات بكتلتها و هو رسول هيغز الشبحي H


هذه الرسل الستة تم كشفها و تحديد ماهيتها كلها في القرن العشرين و أخرها رسول هيغز في بدايات القرن الواحد و العشرين و بقي أخر رسول المسؤول عن قوى الجاذبية و هو ما يسميه القرءان إبليس و كشفه سيلاحقنا طويلا.

نتحدث هنا عن كشف الملئكة أما إسجادها فأمر آخر فهذا ما سيغير حضارة البشر لمستوى لا يحلم به أحد.


ثم حديث عن المحراب.


الـ     ـمـ     ـحـ     ـر     ا     ب



رحم اتصال فتح  ثم الراء . 

و رسم الراء يعبر عنه "راد " في الجدول و هي من أكثر العلامات حيرة في القرءان ، الراء تعيدنا لبداية الحدث تردنا إليه. تعيد الفيلم للوراء ، تردنا إلى البداية فعند دراستنا للكون اكتشفنا إمكانية فهم ما حدث في بدايته ، هذه هي الراء.


رحم اتصال      فتح      إعادة إلى بداية الحدث         حائط      من هو في حالة سفلى ينتظر وصوله إلى الباب.



" فَنَادَتْهُ الْمَلَٰئِكَةُ وَ هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَ سَيِّدًا وَ حَصُورًا وَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّٰلِحِينَ "


حتى الوصول إلى حالة سفلى لدخول الباب صعب فبيننا و بينه حائط " المحراب ". هو إذن عودة لرؤية فيلم خلق أول خلية حيّة ، بدء خلق الحي و لكنها قصة طويلة في محراب الكلمة القرءانية سنرجئها للجزء الرابع.













تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معارج التأويل البيولوجي للفاتح الم

الفواتح مفاتيح الغيب المنتظر | الجزء الأوّل | مفتاح البنآء "الٓمٓـ" البقرة