الفواتح مفاتيح الغيب المنتظر | الجزء الأوّل | مفتاح البنآء "الٓمٓـ" البقرة

 

الفواتح مفاتيح الغيب المنتظر

الجزء الأوّل

مفتاح البنآء  الٓمٓـ البقرة

 

"وَمِنۡهُمۡ أُمِّيُّونَ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّآ أَمَانِيَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَظُنُّونَ "

البقرة 77

في المصحف الذي بين أيدينا ما يشبه الأكواد في بعض السور ، في 29 سورة من سور القرءان أكواد 14 عشر. أكواد أبجدية غريبة لا علامات إعراب فيها و بعض علاماتها تحمل رمزا غريبا، رمزا يشبه الموجة المنكسرة



  هذه الأكواد الأربعة عشر لا تشبه كلمات  القرءان الأخرى و تلاوتها هجائية في أغلبها فالكود  الٓمٓـ ينطق الف لام ميم و الكود كٓهيعٓصٓ ينطق "كاف هـ يـ عين صاد" ، فالكاف و العين و الصاد تهّجى أمّا الهاء و الياء و الصاد فتنطق بلا إضافات ، يـ و ليس ياء و هـ و ليس هاء. هكذا تم نقل نطقها منذ أن نطق بها النبي و واصل الناس نطقها في نسك الصَّلَوٰةَ فمن خلاله تأصّل هذا النطق و استقر.

 لم يسبق أنّ شكك أحد في نسبة هذه الفواتح لنص القرءان إلاّ المستشرقون فالقرءان عندهم من تأليف النبي بل و في بعض أجزاءه من تأليف غيره و ما دام النبي هو من ألّف هذا القرءان فهذه الأكواد ما كانت لتكون إلاّ لرمزية خاصة ، تختصر ألفاظا أو تشير إلى عبارات. أكواد غريبة حاول المستشرقون بـ "عفوية" الباحث أن يجد لها تفسيرا.

 يفترض نولدكه في كتابه "تاريخ القرآن"  أن هذه الحروف هي اختصارات أسماء مالكي النسخ التي استخدمها  زيد بن ثابث في جمع للقرآن ، ويزعم أنّ أصحاب النسخ هم من  قام بإضافة هذه الإختصارات للدلالة على ملكيتها بل و يواصل نولدكه سيره في متاهة الإفتراض و يدّعى أن زيد غفل عن إزالة هذه الأكواد بعد إتمامه "جمع القرءان" ، وغفلة زيد جعلته يعتقد أن هذه الإختصارات هي نصوص من الوحي ولم ينتبه أنّها إختصارات لمالكي النسخ.

 إنّ هذه الفرضية هشّة جدا فرئيس لجنة "جمع القرءان" هو من قام بجمع النسخ في السردية التي يتبعها نولدكه فكيف لم يقم بالربط بين هذه الفواتح و مالكي النسخ ؟؟ بل بعض مالكي النسخ كان على قيد الحياة كالزبير بن العوام فكيف لم ينبهه إلى هذا ؟؟ . هي في النهاية فرضيات لا تهتم بتناسق ما تطرح بل تريد الوصول إلى هدف معروف و هو أنّ القرءان كتاب لا رابط بين أجزاءه و أنّ الزعم بعلويته لا يسنده دليل.

 إن كلام المستشرق نولدكه يفترض عدة أمور من لاوعيه ، فالأكواد في القرءان بعضها ءايات و بعضها ضمن سياق ءاية فلا بد من إفتراض ترقيم متأخر لأيات القرءان قامت به لجنة زيد بن ثابث أو من أتى بعدها و كان طبيعيا إن كان تصورهم أنّ هذه الأكواد خاصة أن يرقموها كلّها ، كل كود يرّقم 1. أما أن يرقم بعضها 1 و يجعل بعضها ضمن سياق الأية الأولى فأمر غريب جدا لم ينتبه له المستشرق  نولدكه.

 لن نقول أنّ كلام المستشرقين هدفه التشكيك في كمال نسخة القرءان قبل وفاة النبي فهذا أمر طبيعي عندهم بل الهدف الواضح كذلك هو إعتبار هذا القرءان شتات لا رابط بين ءاياته. و ويزعم نولدكه في شرحه لنظرية الإختصار التي تبنّاها أنّ الراء اختصار الزبير ، على اعتبار الكتابة في أول الأمر كانت دون نقط ، و ﴿ألــمــــر﴾ مختصر المغيرة ، و ﴿طـــــه﴾ ، طلحة ، و ﴿حــــــــم﴾ ، و﴿ن﴾ ، من عبد الرحمن، فما تفسيره لتقسيم حم و ن على عبد الرحمن في سور مختلفة ؟؟؟ كان من الضروري أن يكون الكود واحدا فلماذا لم يكتف عبد الرحمن برمز واحد ؟؟  

نولدكه بعد رحلته في فرضية الإختصار يقول أنّ إحتمالاته هذه  غير مؤكدة و حسنا فعل.

 و أراء أخرى لمستشرقين أخرين مولعون بالأكواد و فك الشفرات و من هؤلاء المستشرق اسبرانجر حين يزعم أنّ فهم بعض هذه الأكواد يتطلب قلبها  فمثلا "طسم" إن قلبت يظهر معناها "لا يمسه إلا المطهرون" فـ مسـ هي المس و ط هي إختصار للمطهرون. و بعضها اعتبر هذه الفواتح ليست إلاّ إختصار لأسماء الله متبعا في ذلك بعض روايات المحدثين و المفسرين. فالفواتح " الر حم ن " بجمعها اختصار "الرحمن" و الفاتح "الم" إختصار "الرحيم" و الفاتح "حم" اختصار "الحمد لله رب العالمين" و المستشرق بوير يذهب بعيدا في نظرية الإختصارات و يعتبر أن الفواتح إختصارات لكلمات أخرى  لا علاقة لها بأسماء الله الحسنى ، فـ "طسم" فاتح كل حرف فيه يختصر لفظا بعينه فالطاء الطور و السين سيناء و  الميم موسى.

 إنّ بعض أراء المستشرقين تجد لها منبعا عند المفسرين القدامى فصداها هناك في روايات منقولة عن الصحابة و التابعين تكشف عن مدى الحيرة و التيه في قرائتهم للفواتح، فالحسن البصري يقول "سمعت السلف يقولون إنّها أسماء السور و مفاتيحها". هذه الرواية تخبر دون أن تفصح أنّ النبي لم يشرح لأصحابه معاني هذه الأكواد و هم إذن يخمنون و يسبحون في إجتهاد فردي خاص.

 و روي عن ابن عباس قوله إن المقطعات كلها يتألف منها اسم الله الأعظم ، وهو ما يتابعه عليه تلميذه سعيد بن جبير  و يقول رواية عنه "أنها أسماء الله تعالى مقطعة لو أحسن الناس تأليفها تعلموا منها اسم الله الأعظم" و رواية ابن عباس هذه ليست إلا إمتداد لثقافة أهل المدينة في قرائتهم للتوراة و تنقل الروايات أقوال لصحابة كبار و منهم عمر وعثمان وابن مسعود تأكيدهم أنّ الفواتح من المكتوم الذي لا يفسر.

 ويعبّر  التابعي الشعبي فقيه العراق عن أزمة قراءة الفواتح بهذه العبارة البليغة   " سر هذا القرآن"

وفي هذا المعنى يقول علي بن أبي طالب رواية عنه  "إن لكل كتاب صفوة ، وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي"

 و يُروى عن الصديق أبي بكر قوله" في كل كتاب سر، وسره في القرآن أوائل السور"

 

كلمة سر و متشابه ستتكرر كثيرا عند المفسرين و الفقهاء في إعتبار هذه الفواتح عالم استأثر الله بعلمه  و حينها ما الداعي لإنزالها و كيف يمكن للقرءان أن يوردها و من صاغه يعلم استحالة معرفتها ممن يقرأها ؟؟؟ إن هذا السؤال لا يمكن أن يطرحه الأسلاف على أنفسهم إذ سكوت النبي عن شرحها يعني أنّ أمرها خاص و لا يمكننا التعامل معها و هي بهذه الغرابة. هذا ما تشرحه بدقة الرواية التالية :

 عن سعيد بن مسروق عن الربيع بن خثيم قال: " الله تعالى أنزل هذا القرآن فاستأثر منه بعلم ما شاء وأطلعكم على ما شاء، فأما ما استأثر به لنفسه فلستم بنائليه فلا تسألوا عنه، وأما الذي أطلعكم عليه فهو الذي تسألون عنه وتخبرون به، وما بكل القرآن تعلمون، ولا بكل ما تعلمون تعملون"

ثم يترجم القرطبي المفسر هذا القول  "فهذا يوضح أن حروفاً من القرآن ستر معانيها عن جميع العالم، اختباراً من الله عز وجل وامتحاناً، فمن آمن بها أثيب وسعد، ومن كفر وشك أثم وبعد"

 هو إذن بيان للرعب من هذه الفواتح، من ولوجها و البحث عن معانيها و لقد كنت في صباي مرعوبا كغيري من أصحابي منها و نحن نحاول فهم معانيها و التكهن بما تحمله و لم نطلع لا على أقوال الصحابة و لا على آراء الفقهاء حينها و لو أطلعنا عليها ما زادنا هذا المنع إلاّ إصرار في استنطاق هذه الفواتح. فالأسلاف رواة و مفسرين يدركون أنّ لهذه الفواتح معنى و جهلهم بها ربما دفعهم للإعتراف و منهم من جاوز حد الإعتراف إلى منع الأخرين من محاولة فهمها. و ها هو القرطبي يقول في تفسيره لسورة لقمان :

" هي سر في القرآن ، فهي من المتشابه الذي انفرد الله بعلمه ، ولا يجوز أن نتكلم فيها ، ولكن نؤمن بها ونقرأها كما جاءت"

 ويقول أبو حاتم الرازي في تفسيره :

"لم نجد الحروف المقطعة في القرآن إلا في أوائل السور، ولا ندري ما أراد الله جل وعز بها"

فهي عند المفسرين و الفقهاء لا تنتمي للأحكام الفقهية و لا الأخبار و لا القصص، و من هنا الحيرة و الغرابة.

 ومن هنا ذهب ابن حزم الأندلسي في كتابه "الإحكام في أصول الأحكام" إلى اعتبار فواتح السور المقطعة من متشابه القرآن الذي لا يعلم تأويله إلا الله  ، وحرم على كل مسلم أن يطلب معاني هذه الحروف المقطعة التي في أوائل السور.

و لا ندري السبب النفسي الذي دفع ابن حزم إلى هذا التطرف في التحريم و إعتبار الفواتح من المتشابه مع أنّ ءايات القرءان تصف الر بالكتاب الذي أحكمت ءاياته :

"الٓرۚ كِتَٰبٌ أُحۡكِمَتۡ ءَايَٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتۡ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)" هود 11

 و ينقل الطبري عن جمع من أسلافه إعتبارهم الفواتح " مما استأثر الله بعلمه" مع أنّه مثلا يفسر الفاتح طه بـ "يا رجل" و يرجحه. و هذا نصه حرفيا في تفسيره لسورة طه :

 "فإذا كان ذلك معروفا فيهم على ما ذكرنا، فالواجب أن يوجه تأويله إلى المعروف فيهم من معناه، ولا سيما إذا وافق ذلك تأويل أهل العلم من الصحابة والتابعين. فتأويل الكلام إذن: يا رجل ما أنـزلنا عليك القرآن لتشقى، ما أنـزلناه عليك فنكلفك ما لا طاقة لك به من العمل"

 

لم يمنع العجز عن إيجاد تفسير لهذه الفواتح من الإجتهاد في محاولة استكناه معانيها و محاولة الربط بينها و بين نص القرءان و من إجتهاداتهم :

 -  أن الله أراد أن يُظْهِرَ الإعجاز على يد نبيه حيث يأتي بهذه الحروف التي هي مُسَمَّى الحرف مع أنه أُمِّيّ، وهذا شيء لا يعلمه إلا الذين تَعَلَّموا القراءة والكتابة.

  – هو إشارة إلى أن القرآن مُؤَلَّف من حروف يَنطقون بها وتَجري على ألسنتهم في تخاطبهم، ومع ذلك لا يستطيعون الإتيان بمثله، وهذا أبلغ ما يكون في الإعجاز

 - أن الكفار لمَّا قالوا لبعضهم: (لا تَسْمَعُوا لهذا القرآنِ والْغَوْا فيه لعلكم تَغْلِبون) أنزل الله هذه الحروف المُقَطَّعَة ليَلْفِتَ نظرَهم إلى سماع القرآن؛ لأن الإنسان من طَبْعِه إذا سمع شيئًا غريبًا عن مألوف عادتِه أصغَى له واهتَمّ، وبذلك يحصل استماعهم للقرآن باهتمام منهم

 إنّ هذا لا يمثل شرحا مقنعا إذ ما هو سبب إختيار المـ بدل املـ و ما سبب إتيانها في سور محددة و لعل الزمخشري تقدّم خطوة في محاولة الفهم فقد  أشار إلى ظاهرة غريبة في هذه الفواتح :

 " ذلك أنّ هذه الحروف تمثّل نصف أسامي الحروف العربية ، حيث إنّ عددها أربعة عشر ، كما أنّها جاءت في تسع وعشرين سورة هي عدد حروف المعجم كلّها بإضافة الهمزة ، ثمّ إذا نظرت في هذه الحروف الأربعة عشر وجدتها مشتملةً على أنصاف أجناس الحروف من المهموسة والمجهورة ، والشديدة والرخوة ، والمطبقة والمنفتحة ، والمستعلية والمنخفضة"

 كان يمكن أن يذهب أسلافنا أعمق في محاولة ولوج عالم الفواتح لكنهم سيجوا أنفسهم و سيّجوا من أتى بعدهم في سجن الإستحالة و وصم الفواتح بالأمر المتشابه الغريب و العالم المخيف الذي لا يجب تسلق أسواره. بل رأى فيها بعضهم مفاتيح قراءة المستقبل و بعضهم رأى فيها دليلا على مذهبه السياسي و العقائدي.

 

عن أبي العالية، في قوله تعالى "المـ " قال: "هذه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفًا دارت فيها الألسن كلها، ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه، وليس منها حرف إلا وهو من آلائه وبلائه، وليس منها حرف إلا وهو في مدة أقوام وآجالهم"

 

يستعملون إذن منهج القبالة بإعطاء كل علامة عددها المناسب و بعمليات جمع و ضرب و طرح يمكنهم قراءة المستقبل و التنبؤ بأحداثه. و قد حرّم الفقهاء هذه القبالة التي أسموها "حساب أبي جاد"

 

قال ابن حجر العسقلاني شارح "صحيح البخاري": لا يجوز الإعتماد عليه ، فقد ثبت عن ابن عباس الزجر عن أبي جاد ،" وقال : إن أقواما يحسبون أبا جاد وينظرون في النجوم ، ولا أري لمن يفعل ذلك خلاقا"


و يساير ابن كثير في تفسيره هذا الرأي و يقول " وأمّا من زعم أنّها دالّة على معرفة العدد وأنّه يستخرج من ذلك أوقات الحوادث والفتن والملاحم فقد ادّعى ما ليس له ، وطار في غير مطاره".

ومن هنا نجد ـ كما رُوي عن ابن عبّاس ـ أبا ياسر ابن أخطب اليهودي حاول أن يتعرّف على أجل الأُمّة الإسلامية وعمرها من خلال هذه الحروف.

و ينقل الصابوني في كتابه "التبيان في علوم القرءان نبوءات بعض الشيعة من قراءتهم للفواتح، فينقل في تفسيره لـ " (حم عســـق) :"قالوا : الحاء : حرب علي على معاوية ، والميم : ولاية بني مروان والعين: ولاية العباسين ، والسين :ولاية السفيانيين ، والقاف: القدرة بالمهدي، إلى غير ما هنالك من الضلال"

 

نحدّد في ضوء قراءة الأسلاف للفواتح بعض الظواهر العامّة

 

1 - عدم ورود تفسير واضح للفواتح عن النبي.

2 - سكوت الصحابة بشكلٍ عام عن سؤال النبي في موضوع الفواتح و هو أمر غريب جدّا إذ لم ينقلوا لنا معانيها.

3 - عدم تعارف الأسبقين لهذا الأُسلوب في كلامهم و كتبهم

 

وهذه الظواهر الثلاث تجعلنا نرى أنّ الموقف تجاه هذه الحروف من قِبَل معاصري الوحي والنبوّة كان واضحاً وجليّاً ، الأمر الذي أدّى إلى سكوت النبي عن بيانه والصحابة عن سؤاله ، وحينئذٍ فإمّا أن يكون هذا الوضوح نتيجة توضيح النبي بأنّها من الأسرار التي لا يعلمها أو أنّه أبلغ أصحابه معانيها و اندثر هذا الفهم لسبب نجهله. و رغم أن هذه الفواتح مكونّة من نفس علامات القرءان و ليس هناك غرابة بين قوم النبي في نطقها لكن الغرابة في فهم معانيها و ما تحمله إذ لو فهموها  لوصلنا تفسيرهم لها أو بصيصا من هذا التفسير.

فإذا انتقلنا إلى عصرنا نجد بعض معاصرينا يحاول جاهدا إيجاد ثابث عددي لهذه الفواتح يثبث به حمل القرءان لشفرة خاصة تثبث علوّه حين تثبث إستحالة قيام النبي بهذا التشفير في زمنه لضعف الوسائل التقنية التي تمكنه أنذاك من هذا التشفير المعقّد.

فمن أمثلة ما يورد هؤلاء الباحثين أنّ ورود فاتح في سورة يعني دائما  تفوق حسابي لمعدل تكرار هذه الحروف في نفس السورة ... ففي سورة "ق" مثلاً  نجد أن الحرف "ق" يتكرر في السورة بمعدل أعلى من باقي الحروف، ثم إن معدله في السورة هو أعلى معدل في سور القرآن على الإطلاق.

ونفس الشيء مثلا في السور التي تبدأ بالفاتح "المـ" ، فمعدلات إيراد العلامات ا ل م في هذه السور في سلم تنازلي من "ا" إلى  "ل" إلى  "م" وبنفس الترتيب و في هذا الجدول توضيح للفكرة:





و لعل جهد رشاد خليفة في ربط إحصاء و عد علامات الفواتح و ربطها بالعدد  19  هو الأكثر جهدا في محاولات الإحصاء و هذه بعض نتائجه :

 

وتستهل سورة ق بالحرف ق وقد تكرر في السورة 57 مرّة، أي (19×3).

 وتستهل سورة الشورى بالحروف حم عسق، وقد تكرر الحرف ق في السورة أيضاً 57 مرّة.

وعليه يكون مجموع تكرار الحرف ق في السورتين هو 114، أي (19×6). و 114 هو مجموع سور القرءان.

 

 ابتعدنا هنا عن الخلاصات التي يصعب الفصل فيها في النتائج الكثيرة التي أوردها رشاد خليفة دعما لنظريته في تشفير القرءان وفق العدد 19 فعد الألف صعب جدا ببرامج الكومبيوتر في زمنه ثم مشكلة عد علامات البسملة إذ هي ليست ءاية مرقمة في 112 من سور القرءان الـ 114.

 

هذه الخلاصة الوحيدة الصحيحة في عد العلامة ق ، إذ لحسن حظ رشاد خليفة أن ليس في البسملة ق و لكن هذه النتيجة لا تثبث العلاقة الوطيدة مع العدد 19 بل يمكنها فقط إن عددنا القاف في سورتين و قبلنا عدم التجزيء أن مجموعه يشير إلى عدد سور القرءان. و لا شك أنّ رشاد خليفة قام بجهد كبير في محاولته لإيجاد شفرة عددية للقرءان محورها العدد 19 و استولت عليه هذه الفكرة و أصبح لا يرى غيرها . أصبحت عنده ما يشبه العقيدة و المسلمات و مهما وجد من إشكالات و متاعب إلاّ أنّه يستمر في محاولة إيجاد المخارج إلى أن انتهى الأمر به إلى إعتبار أخر ءايتي سورة التوبة ليست من نص القرءان :

 

" لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ (128) فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُ  لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُۖ وَهُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ (129)" التوبة

 

و قد بنى رأيه هذا على رواية حديثية ليخرج من أزمة خانقة و هي أن رص رقم السور مع عدد ءاياتها من الفاتحة للناس

17 2286 3200 ………………9129……………………………1135 1146

ينتج عدد يقبل القسمة على 19 حتى يثبث فكرته و لكن لسوء الحظ هذا العدد لا يقبل القسمة على 19 إلا إذا حذفنا ءايتي سورة التوبة فبدل 129 ءاية علينا إسقاط ءايتي التوبة الأخرتين ليصبح عدد ءاياتها 127 لنفوز "الفوز العظيم"

 

ءايات و سور الفواتح التسعة و عشرون

يمكننا أن نلخص ورود الفواتح في السور التسعة و العشرين من القرءان في هذا الجدول وفق تتابع إنزالها :


ءايات و سور الفواتح التسعة و عشرون

يمكننا أن نلخص ورود الفواتح في السور التسعة و العشرين من القرءان في هذا الجدول وفق تتابع إنزالها :

 





 

و يمكن تلخيص هذه الفواتح دون تكرار في هذا الجدول :




و يمكن أن نجمل العلامات التي أتت في هذه الفواتح مع ما يقابلها من العلامات التي لم تذكر



و أمّا تكرار علامات الفواتح في السور التسعة و العشرون فهي موّضحة في هذا الجدول:


 



ملاحظات عابرة

1 - لم تحو الفواتح كل علامات القرءان

2 - لا وجود لعلامة فيها ثلاث نقاط ث ش

3 - لا وجود لرسم ب ت ث

4 - الألف ا و اللام  مرتبطان دوما

5- العلامات  ا ح ر ط هـ يـ لا تحمل فوقها علامة المد الموجي

6 - علامات الفواتح الأخرى تحمل رمز المد الموجي ا ل س ص ع ق كـ ن

7 – ليس هناك بنية خاصة متعلقة بعدد العلامات في فاتح ، فالفاتح الثلاثي "المـ" ءاية أمّا الفاتح "الر" فجزء من ءاية إلاّ الفواتح المفردة ن ص ق فكلها جزء من ءاية  

8 – في أوّل نظرة ليس هناك من العلامات ما يقابل كـ ل م و لا ما يقابل من علامات الفواتح العلامات ب  ت  ث  ة  ء  و  د  ذ

 

إنّنا مضطرون لعد كل هذه الملاحظات فهي ستصاحبنا لأخر محطة حين تجلّي لنا بنفسها سبب إختيار علاماتها و سبب غياب العلامات الأخرى و حين تجلّي لنا بنية القرءان كاملة. و ها نحن نكشف السر من البداية ، فالفواتح ليست إلاّ مفاتيح لقراءة القرءان من داخله دون حاجة للغة و لا لقواميس، بل القرءان ذاته يحمل مفاتيح قرائته فيه و الأمر شديد الغرابة، إذ زعم الناس و يزعمون أنّ القرءان تأسس على لغة أسموها عربية و بنى القرءان نصّه عليها. و الفواتح ستكشف حجم الخطئية في هذا الإتهام بل الفواتح تكشف أنّ أي جنس بشري يمكنه قراءة القرءان دون حاجة لتعلم لغة عربية بل ربّما شكلت اللغة العربية عائق بقواعدها لدخول بعض عوالم القرءان. و لنبدأ الآن في تلاوة الآيات التي أتت فيها الفواتح :

 

"الٓمٓـ (1) ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ (2)" البقرة 2

"الٓمٓـ (1) ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ (3)"

آل عمران 3

الٓمٓصٓ (1) كِتَٰبٌ أُنزِلَ إِلَيۡكَ فَلَا يَكُن فِي صَدۡرِكَ حَرَجٞ مِّنۡهُ لِتُنذِرَ بِهِۦ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ (2) " الأعراف  7  "

 "الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِ (1) " يونس 10

"الٓرۚ كِتَٰبٌ أُحۡكِمَتۡ ءَايَٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتۡ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)" هود 11

"الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ  (1) إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ (2)" يوسف 12

"الٓمٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِۗ وَٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤۡمِنُونَ (1)" الرعد 13

"الٓرۚ كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ(1) إبراهيم 14

"الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ وَقُرۡءَانٖ مُّبِينٖ (1)" الرعد 15

"الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ وَقُرۡءَانٖ مُّبِينٖ (1)" الحجر 15

 "كٓهيعٓصٓ (1) ذِكۡرُ رَحۡمَتِ رَبِّكَ عَبۡدَهُۥ زَكَرِيَّآ (1) " مريمـ 19

"طه (1) مَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ لِتَشۡقَىٰٓ (2)" طه 20

 "طسٓمٓـ (1) تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ (2)" الشعراء 26

"طسٓۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡقُرۡءَانِ وَكِتَابٖ مُّبِينٍ (1)  هُدٗى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ (2) " النمل 27

"طسٓمٓـ (1) تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ (2)" القصص 28

"الٓمٓـ (1) أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ (2) " العنكبوت 29

"الٓمٓـ (1) غُلِبَتِ ٱلرُّومُ (2)" الروم 30

"الٓمٓـ (1) تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِـ (2) " لقمان 31

"الٓمٓـ (1)  تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ لَا رَيۡبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ (2) " السجدة 32

 "يسٓ (1) وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡحَكِيمِ (2) " يس 36

 "صٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ذِي ٱلذِّكۡرِ (1)" ص 38

 "حمٓ (1) تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ الله  ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِـ (2)" غافر 40

"حمٓـ (1) تَنزِيلٞ مِّنَ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِـ (2)" فصلت 41

 "حمٓـ (1) عٓسٓقٓ (2) كَذَٰلِكَ يُوحِيٓ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ الله ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ (2)" الشورى 42

 "حمٓ(1)وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ(3)وَإِنَّهُۥ فِيٓ أُمِّـ ٱلۡكِتَٰبِ لَدَيۡنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌـ(4)" الزخرف 43

"حمٓ (1) وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ (2) إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةٖ مُّبَٰرَكَةٍۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍـ (4)" الدخان 44

"حمٓ (1) تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّه ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِـ (2)" الجاثية 45

"حمٓ (1) تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ  ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِـ (2)" الأحقاف 46

 " قٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡمَجِيدِ" ق 50

 " نٓۚ وَٱلۡقَلَمِ وَمَا يَسۡطُرُونَ" القلم 68

 

يكفي أن نبصر هذه الأيات لنرى أنّ لفظ كِتَٰبٌ - ٱلۡكِتَٰبِ هو الأعلى ورودا ثم يليه لفظ  قُرۡءَانٖ - ٱلۡقُرۡءَانِ و معهما أوصاف المبين و الحكيم. و لم يغب لفظي كِتَٰبٌ و قرءان  إلاّ في سور أربع هي : مريم والعنكبوت والروم والقلم. و هذه الملاحظة تكفي لتفتح أمامنا عالم الفواتح فأغلب هذه الفواتح كتب تحتاج قراءة محتواها كأي كتاب. و هي ءايات محكمات دقيقة للوصول لهدفها و سنرى أنّها مفاتيح تفتح علينا عوالم القرءان و تلقنّنا كيفية قرائته و تحديد مفاهيم ألفظه.

 

كِتَٰب الٓمٓـ

بعد الفاتحة يفاجئنا القرءان بإيراد هذا الفاتح الغريب الٓمٓـ و كأنّه من البداية يشير إلى خصوصية هذا الكتاب ، يشير إلى اللغز الذي يحمله. يشير إلى الشفرات التي يحويها. و من البداية نجد أنفسنا أمام لغز لا يمكننا التقدّم في قراءة هذا الكتاب دون حلّه فما دامت البداية مجهولة كيف يمكننا فهم البقية ؟؟؟

 

فهرست الكتاب ، محتواه، فاتحته ثم النص يبتدىء بهذا الفاتح الغريب الٓمٓـ بعد الفاتحة مباشرة. لغز يحتاج فك إن نحن أردنا التقدم أو أنّنا سنتقدم لكن في تيه من أمرنا و سيزداد التيه  إن نحن عدنا لمعاجم اللغة و لأشعار قوم لا نعرف هل اصطلح الرّب معهم كي يصيغ كتابه حسب معاني ما يقولون ؟؟

 

"الٓمٓـ (1)

ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ (2)

ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ (3)

وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ (4)

وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ (5)"  رَّبِّهِمۡۖ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن

البقرة

 

سننطلق في قرائتنا كياباني لا يعرف شيئا عن هذا القرءان و لم يدخله أبدا و دفعه الفضول إلى قراءة هذا الكتاب. يحمل الياباني عقله وببصره سيسيح في هذا الكتاب متنقلا بين عباراته كلما اضطرته الحاجة إلى ذلك دون ملل فهذا الكتاب سيجعله مشدودا إليه كما سنرى و سيفقده في بعض الأحيان صوابه من حجم الألغاز و لكن هذا الكتاب بملامح الدقة التي يحمل لا تجعل الياباني يمل و لا تجعله قرفا بل تعلّقه به سيزداد شراسة كلّما ازدادت تعقيداته.

 ها هو الياباني فتح أوّل صفحة و بدأ من اليمين فأرقام الفاتحة 1 -2 ... 7 تبعتها نفس الأرقام في سورة البقرة فتلاوة القرءان محددة الوجهة من اليمين إلى اليسار ثم قرأ منها الفاتحة التي لم يستوعب منها شيئا ثم قلب الصفحة و لحسن حظّه لاحظ غياب الترقيم عن البسملة في البقرة.

 ولاحظ أنّ هذه العبارة مكررة بشكل مطرد في القرءان إلاّ في سورة التوبة و اعتبرها إذن عبارة الإفتتاح التي تفتتح بها كل سورة و أنّ لهذه العبارة معنى خاص و أهمية خاصة و ليست عبارة ديبلوماسية تعبر عن نص لحاكم أو سلطة إدارية إذ ترقيمها في الفاتحة و غيابها في سورة التوبة تعني حملها لمعنى خاص و إلا لتكررت في كل سورة بنفس الطريقة في الفاتحة.

 ثم ملاحظات الياباني حول الفاتح الٓمٓـ فهذا العمود ا لا يحمل أي علامة فوقه كما في بقية الألفاظ حين يرتبط باللام في البداية " ٱلۡ " ثم هذا الرمز الغريب فوق اللام و الميم  ~ و غيابه عن الألف.

الٓمٓـ

 إنّه سيلاحظ أمر أخرا غريبا فهذه العلامة م برسمها تأتي في نهاية الألفاظ برسمين مختلفين في هذا الكتاب:

م   مـ

 كأن هذه العلامة مثبثة حينا بعمود م و حينا تحاول الإتصال بغيرها بنزع وتدها لترسم نية الإتصال مـ. حينها فهم الياباني أنّ عليه بحث كل الألفاظ  التي تبدأ بهذا الفاتح المـ. هذه النتيجة لم تأت فجأة بل من مخاض طويل عاناه الياباني من محاولة تحليل خصوصية هذا الفاتح بعلاماته مع بقية علامات النص ثم ما زاد في قناعته أنّ هذه الخلاصة هي الخلاصة الوحيدة هو تكرار لفظ " ٱلۡكِتَٰبِ " 4 مرات متصلة بهذا الفاتح في السور الستة التي ورد فيها:

 

"الٓمٓـ (1) ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ (2)" البقرة

"الٓمٓـ (1) ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ (3) " آل عمران

"الٓمٓـ (1) تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِـ (2) " لقمان

"الٓمٓـ (1)  تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ لَا رَيۡبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ (2) " السجدة

 

  الٓمٓـ كأنّه وحدة كاملة تتصل بالألفاظ و يمكن إذن فصلها عن الألفاظ التي ترد فيها ، لعل الياباني رسم مفهوم الكتاب دون أن يدر ويريد الآن بحذر يريد تجربة فرضيته، يريد أن يلق بقلمه في الحلبة لير وجاهة رأيه و حين صفّ الألفاظ التي افتتحت بهذا الفاتح في سورة البقرة صُعق إذ أنّها كثيرة ، 48 لفظا بالتحديد بلا تكرار إذ بعضها يتكرر كثيرا كـ الموت و الْملٰئكة :

المفلحون – المفسدون – الموت – الْملٰئكة – المن – المحسنين – المسكنة – الموتى – الماء – الْمسٰكين

  الملكين- المرء – المشركين  المشرق – المغرب – المصير – المسجد – الممترين – المهتدون – المروة

  المسخّر – الميتة - المال –  الموفون – المتقون - الْمَسَٰجِدِ - المعتدين – المتقين -  المشعر – المهاد

الميسر – المفسد – المصلح - الْمُشْرِكَٰتِ - المغفرة – المحيض – المتطهرين – المؤمنين -  الْمُطَلَّقَٰتُ – المولود - الموسع  المقتر – الملأ – الملك - المرسلين – المس – المؤمنون

 

ليس صعبا على الياباني أن يلاحظ أنّ في كثير من الألفاظ تشابه داخلي شبه كامل و أمكنه هذا جمع بعض هذه الألفاظ 48 في عائلات :

المفسدون – المفسد

الْمسٰكين – المسكنة

الموت – الموتى - الميتة

المتقون – المتقين

المؤمنين - المؤمنون

الملك – الملكين – الْملٰئكة

المشركين – الْمُشْرِكَٰتِ

المسجد - الْمَسَٰجِدِ

 

بداية فالألفاظ تحمل في جوانبها ما يشبه ملتصقات و توابع تدخل عليها و عند حذف الكتاب الٓمٓـ نكتشف التوابع التالية :

ون – ين – ة - اـتِ

 

إن الكتاب الٓمٓـ بلا علامات "الإعراب" التي نجدها في كل عبارات القرءان "َ  َ  ِ  ُ   ْ" و لذلك انتبه أنّ الفاتح ينبهه بغياب هذه العلامات عنه أن  يبحث في نصّ القرءان عن الألفاظ دون النظر إلى علامات الإعراب بل بملاحظة رسمها فقط و الملاحظة الثانية أن العلامة ا تسبح في الألفاظ كعلامات الإعراب فهي تخمينا كعلامات الإعراب كما في لفظ الْمُشْرِكَٰتِ. و كذلك الهمزة ء فهي في رسم الْملٰئكة الغريب في القرءان :

 الهمزة تطفو في الأسفل مختفية تريد أن تتستر لتبق لفظ "لكـ" بارزا. الهمزة كذلك كعلامات الإعراب الأخرى، هذا ما افترضه الياباني و ما ستؤكده بقية الألفاظ فيما بعد. ثم الياء و الواو و هما يتبادلان الأدوار في الموت و الميتة و الموتى.

إلى هنا أمكن للياباني أن يعتبر  : ى - ون – ين – ة – ت – و – يـ توابع و ملحقات و ا – ء  ما يشبه علامات الإعراب. و ما دام الواو و الياء مستقلين كتوابع فالتابع الثنائي و ن و ين يجعل من النون ن كذلك تابع منفرد و هذا ما يؤكده لفظ "المن". إنّ هذه الملاحظة ذات قيمة تفجيرية فاللفظ في القرءان يمكن أن يبدأ بعلامة واحدة حين حذف الكتاب المـ و هذا ما يؤكده لفظ "المس" كذلك.

هذا ما سيدفع الياباني للتركيز على كل علامة حين دراسته لمعنى أي لفظ. فللفظ أصل و توابع ، أصل سيعطيه معنى و توابع لها وظيفة. فرضية ستؤكدها ما سيأتي من دراسة.

 و يواصل الياباني رحلته في بحثه في ثنائية المفسد – المفسدون و بعد ملاحظاته السابقة لن يجانبه الصواب إن بحث في سورة البقرة عن الكلمات التي يرد فيها الأصل "فسد" إذ يمكنه إزالة الكتاب "المـ" و التابع "ون" و ها هو يكتشف في سورة البقرة وحدها هذه الشجرة الوارفة :

تفسدوا – المفسدون – يفسدون – يفسد – مفسدين – ليفسد – المفسد – لفسدت

 إننّا و الياباني أمام كنز من الخلاصات فالعلامات ت – يـ ـ ل – م تدخل على الأصل فهي توابع و أبعد من هذا فهي علامات تتزواج فيما بينها لتنشأ ثنائيات ليـ و يمكن لهذه التوابع أن تعمل ككماشات تحيط بالأصل من الجانبين

تـ ... وا

يـ ... ون

مـ ... ين

لـ ... ت

بل نكتشف أنّ "ال" تابع كذلك في ثنائية "المفسدون – مفسدون" و إنّنا إلى الآن أمام توابع التالية :

 

ا – ى - ل - ء -  ت – ة – م – ن – و - ي

 كان يمكن أن نصل لهذه النتائج بتتبع نص القرءان منفردين و نكتشف هذه التوابع بالإستقراء و لكنّه عمل شخصي لا يستند على هدي قرءاني فالفاتح المـ يقول لنا أنّ القرءان هو من يحدد طريقة قراءة نصّه، و لا يمكن أن نقرأ كما نشاء كيفما نشاء بل الأمر فيه محدد بل يقول لنا و سيقول أن لا حاجة لأي كتاب أو لغة للدخول إلى نصّه ، ما يحتاجه فقط هو الثقة فيه و إتباع ما يحويه نصّه لإكتشاف نصّه من نصّه و هو أمر غريب، إذ أي إنسان يريد أن يقرأ قصة في لغة أخرى عليه أن يتعلّم اللغة التي كتبت بها هذه القصة إلاّ أن هذا القرءان كما سنرى لا يفتأ يؤكد أن يحو في نصّه طريقة قرائته و لا حاجة لشيء من خارجه.

 

هي خلاصات خطيرة ، وجود توابع وظيفية تدخل على أصل اللفظ ثم هذه التوابع تتآلف في ثنائيات و ثلاثيات " ون – ين – وا - ليـ - المـ " و غيرها كما سنرى تعمل داخل اللفظ و حوله ، تحاصر الأصل حينا و تدخل فيه حينا أخر و تعربه بعلامات فضائية حينا أخر.

 لا شيء يمنع الياباني  أن يبحث عن شجرة "فسد" في كل القرءان ليوسع نتائجه إذ إن صحت فرضيته أن المـ كتاب أي منظومة متكاملة فهي حتما تحيط بكل الكتاب أي أنّ قاعدتها تشمل كل القرءان و حين البحث توسعت شجرته و اكتشف الألفاظ التالية :

 

المفسدين – ليفسدوا – المفسدين – لنفسد

لتفسدن – لفسدتا – أفسدوها – كالمفسدين

 

بقر ثاني اكتشفه الياباني و ها نحن كشفنا السر فنحن في سورة التشريح ، سورة البقرة ، و هي بفاتحها الٓمٓـ تدفعنا إلى تشريح كل نص القرءان بدءا بتشريحها هي و نحن إذن مع بقر جديد  كـ - هـ .

 

ثم ملاحظة لفظ "المال" تجعلنا أمام أمر مخيف ، فهذا اللفظ إن نزعنا توابعه تبخّر بل إن "ال " تعمل ككماشة حول الميم من الجانبين و ليس صحيحا أن ال التعريف تدخل في البداية فقط فها هي تدخل في النهاية إذ يمكننا تعريف أمر و معرفته في البداية و هناك أمور لا يمكننا معرفتها إلاّ خلال السير أو في نهاية السير و ليعذرنا الياباني أنّنا فتحنا قوسا هنا.

 

عملية تبخر الألفاظ لا حل لها الآن و قد أرجأ الياباني التفكير فيها لما بعد فيكفيه الآن ترتيب التوابع و إكتشاف أصول ألفاظ القرءان.

يمكننا الآن ببساطة القول أن الهمزة و الهاء تابع "أفسدوها" ما دام الألف و الهمظة توابع في الأصل فسد.

ثم كشف لبقر الفاء ف في دراسة ثنائية  المسجد – الْمَسَٰجِدِ و الأصل "سجد" و الإنتباه لوجود العبارات التالية :

 

فسجد  - فسجدوا  - فاسجد  - فاسجدوا

 

و ربّما أسرعنا الخطى في البداية في إعتبار التاء المربوطة بقر في "الميتة" و يمكننا تأكيدها هنا في دراسة الأصل "طهر" في "المتطهرين" إذ نجد لفظ  "مطهرة" و غير ذلك من الأمثلة و لكنني هنا ألخص التتبع لتركيز الخلاصات و بعدها يمكن للباحث أن يغوص أعمق.

 

 الملاحظات جعلت الياباني ينبته أن للألفاظ في القرءان أصل و هذا الأصل تدخل عليه توابع و ها هو الياباني يذهب أبعد فهو يريد أن يبحث مثلا عن الألفاظ التي تحاصرها الأبقار :

تـ ... وا   -   يـ .... ون

 

و ها هو  الياباني يغوص في القرءان ليجد هذه السلسلة  بين الكماشة " تـ ... وا" :

 

تجعلوا – تفعلوا – تكونوا – تشتروا – تلبسوا – تكتموا – تعثوا – تذبحوا – تتلوا – تقولوا - تَسۡـَٔلُواْ – تقدّموا – توّلوا – تهتدوا – تبعوا – تتبعوا – تبرءوا – تصوموا – تأكلوا – تدلوا – تأتوا – تعتدوا – تلقوا – تحلقوا – تزودوا – تبتغوا – تدخلوا – تكرهوا – تحبوا – تَنكحوا \ تُنكحوا – تبروا – تصلحوا – تتقوا – تأخذوا – تتخذوا – تَرَٰضَوْا – تسترضعوا – تعزموا – تفرضوا – تعفوا – تنسوا – تقتلون \ تُقَٰتِلُوا – تبطلوا – تيمموا – تغمضوا – تبدوا – تنفقوا – تصدقوا – تَسۡـَٔمُوٓاْ – تجدوا

 

و يمكننا إكتشاف جذور عديدة إن انتبهنا أنّ الأبقار يمكنها أن تدخل في البداية و الوسط و النهاية  و من الألفاظ ما تتبخر و لا نعلم لها جذرا الآن لكن الأمور ستتضح في المـ آل عمران ، حينها سنعرف كيف نجذر كل لفظ و إلى ذلك الحين يمكننا أن نجد :

 

جذور أحادية : ع – ق – د – ر – ص - ح

جذور ثنائية : ج ع – ش ر – ع ث – ذ ح – ق د – ح ق – ز د – د خ – ق د – ح ق – ز د – د خ – ص ح – خ ذ – ر ض – ع ز – غ ض – ج د

جذور ثلاثية : ر ض ع – ص د ق

 

يمكن بحث الكماشات الأخرى و الألفاظ الأخرى التي بدأت بالفاتح المـ و ما يحوم حولها و يمكننا بسهولة الخروج بالتوابع المنفردة التالية:


 

هذا البقر الأحادي يتآلف لينشأ بقر ثنائيا و ثلاثيا و كمثال مع علامة الميم يمكننا ملاحظة هذا التآلف في الجدول التالي مع البقر الثنائي :


 


و بقر ثلاثي "مستقر" و بقر رباعي "مستهزءون". فسورة البقرة هي رحم البقر أحاديا كان أو ثنائيا أو ثلاثيا أورباعيا.  رحم  تصورّه التاء المربوطة في ّالبقرة"

 

ثم رسم ما يمكن تسميتها بالعلامات الشهرية و هي في هذا الجدول كما يلي :


 

بقية الفواتح بدءا من آل عمران ستعطينا كيفية التجذير و كيفية رسم المفاهيم. و حتى نبلغ هذا المستوى يمكننا توسيع بحث البنآء في جميع سور القرءان و سنصل لنفس النتائج و ربّما تعمق بعضها و يكفي هنا رسم الصورة و تبيانها.

 

 يمكننا تتبع ءايات القرءان و رسم ألفاظها و يمكننا رسم جداول البقر و خاصة الجداول الشهرية و رحلات الأبقار إليها و قد رسمت فعلا لكن أرجأ تفصيلها لحين بلوغ المـ آل عمران فهناك سنغوص في التجذير عمقا.  و لحسن حظنا و حظ الياباني إذ يمكننا سماع أصوات عبارات القرءان و استغرب الياباني من نطق الفاتح المـ هجاءا "ألف   لام    ميم" ما أكدّ طريقته السابقة في البحث فالفاتح المـ خاص في رسمه و طريقة نطقه إذ أنّ هناك سور في القرءان تبدأ بما يشبه الفاتح المـ و منها سورة الفيل "ألمـ تر" و لكن نطق ألم ليس كنطق الٓمٓـ.

 

إنّ الجانب الصوتي هداية لوحده فهو يختصر علينا البحث و الغوص للوصول للنتائج السابقة و لكن يمكن بلوغها بلا صوت.

إنّ وجود الفاتح  الٓمٓـ يعطي شهادة بالغة عن تبليغ النبي الكريم و صحابته من بعده للقرءان في نسخته الكاملة برسمها كلّه و لا يمكننا أن نساير سردية من قال بجمع القرءان من نصوص شفوية أو أجزاء منه على الأقل و حكاية من قال أنّ هناك من بادر بتنقيط القرءان و إضافة أمور عليه لم تكن في نصّه الأصلي الذي خطّه النبي. و كلما توغلنا الآن في داسة الفواتح كلما ترسخت فكرة التبليغ الكامل للقرءان.

 

لو عدنا الآن لأيات سورة البقرة و بعيدا عن الياباني لرأينا أن هذا تحديدا ما تطلبه منّا الأيات :

 

"ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ"

  لا ريب فيه من حيث أنّنا يجب أن نتعامل معه ككل المـ و ليس كأشتات "ال لمـ   امـ " إذ الريب متعلق بزيادة أو نقصان على حد. إن أنت أخذت فقط "ال" فأنت تقول أنّ الفاتح المـ هو :"ال + مـ" و صحيح أنّه لا يجب لنا الآن أن ندخل في المفاهيم و نحن لم نصل لتحديد كيفية بناءها و لكن لا حرد أن نسابق الزمن لغاية ما نصل إلى الفواتح التي ستوّضح لنا كيفية بنآء المفاهيم و نحن هنا مع الفاتح المـ في سورة البقرة ، أوّل فاتح يمكنّنا من بداية معرفة البنآء اللفظي في القرءان.

 

يمكن أي قارئ أن يدخل النص القرءاني و بدون هدي الفاتح المـ ليجد فيه مجموعة من القواعد كما فعل أسلافنا من فقهاء اللغة و حينها سيغيب عنهم الكثير بل و يمكنهم أن يدخلوا في متاهات لن تسعفهم بعدها في قراءة النص كما يريده هو فاللغة العربية التي ليست إلا اقتباسا من نص القرءان كبلته و حاصرته بقواعدها و اعتبار الناس أنّ القرءان صيغ على لغة أسموها عربية أمر هزلي إذ لا وجود لهذه اللغة قبل إنزال القرءان ، إذ كيف يُعقل أن تكون هناك لغة بهذه القواعد ثم لا نجد لها مؤلفا واحدا إلا شعر منسوب منحول قيل إنّه ّشعر جاهلي" ثم لا نجد ترجمة للأناجيل بهذه اللغة و منطقة الجزيرة كان فيها ما كان من العقائد السابقة و رسالة التوراة كانت هناك غائرة في العمق؟؟

"هدى للمتقين" من يريد أن يحدث لنفسه وقاية تقيه من قراءة النص بما لم يؤسس له هو من بنآء ستحمل ربّما كوارث حقيقية بعدها أما الهداية و إرادة الهداية فتحتاج ممن يريد بلوغها أن يق نفسه من قراءة النص القرءاني بقواعد خارجية.

و إذ لا ننفي جهد أسلافنا الجبّار من مدرسة الكوفة و البصرة و سيبويه و الخليل و كل من حاول إلاّ أننا ننفي بشدّة أن القرءان اتكأ على لغة بشرية في الجزيرة لصياغة نصّه.

 

"ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ"

إقامة الصلاة هي إيجاد شبكة الإتصال هذه بين الألفاظ و تحديدا تعيين الأبقار و كيفية اتصالها في الألفاظ القرءانية و هذا التبقير هو ما ينّمي الصيغ و يخرج الأبقار و بتعبير القرءان "ينفقون" إشارة للنماء و تفجير الينابيع من النص المؤلف. ثم الإيمان بالغيب ، فما يصنعه الفاتح المـ هنا هو ما سيسمح لنا بقراءة النص و ما فيه ، ما يغيب الآن على الياباني فما يفعله من بقر سيوصله للمحتوى ، فغاية أي قارئ الوصول لمحتوى النص لغيبه و في لفظ الإيمان الثقة الممنوحة لهذا العمل التبقيري أنّه حتما سيوصلنا ففي الإيمان أمن و تأمين و ليس الأمر مجرّد تصديق لخبر.

 

و يمكننا ملاحظة فعل المـ فينا من حيث إدخالنا لفهم البنآء الداخلي للقرءان و كأمثلة على هذا البنآء يمكننا أن نلحظ لفظ الماء و ما يحمله من مفاجآت .

الماء

مقطعين تآلفا، الفاتح المـ و ـاء و يمثل هذا البقر الثنائي وظيفة بعينها و إن لم نرها الآن و لم نعرفها لكن وجوده دليل على وجود وظيفة له في ألفاظ سورة البقرة التي تحمله :

سواء – السفهاء – السماء - أضاء – شاء – بناء – الدماء الأسماء – صفراء – أنبياء – شهداء أحياء الفحشاء – دعاء - نداء – البأساء – الضراء – أداء – جزاء – ابتغاء – النساء – رئاء - ضعفاء – الفقراء – وراء

و بعض الألفاظ هنا يمكننا توسم تغيير مفهومها المعتاد كالسماء و النساء.

 

و لفظ الموت و ما يحمله البقر الثنائي "ـوت" الموصول بالفاتح الٓمٓـ عندما يدخل على الألفاظ التالية في سورة البقرة"

 سَمَٰوَٰتٍ - السَّمَٰوَٰتِ - هَٰرُوتَ – مَٰرُوتَ – صَلَوَٰتٌ – خُطُوَٰتِ – الْبُيُوتَ – الصَّلَوَٰتِ – طَالُوتَ – التَّابُوتُ – جَالُوتَ – الطَّٰغُوتِ

و من هنا يمكننا إنهاء ما يسمى بجمع المؤنث السالم في السَّمَٰوَٰتِ.

 

نحن في سورة البَقْر بتنوعه  ، سورة التشريح المنهجي ، سورة تشريح البناء القرءاني بالكتاب المـ و هذا الكتاب وحده يثبث و في ضوء هذه الدراسة السطحية أنّ القرءان كتاب فريد يحمل مفاتيح قراءته معه، في داخله و إن انقطعت اللغة العربية و إن اندثر أهلها و إن غابت كل كتب الروايات و التفاسير و اللغة فأنّ القرءان يمكنه أن يُبعث من جديد ليبعث بدوره الروح فيمن يقرأه.

 و في النهاية قلنا سابقا في بحوث المنهج من أكثر من عشرين سنة أنّ للقرءان بنية داخلية و سجلنا نقاطا خمسة سرنا عليها في رسم مفاهيم القرءان دون هدي البنية و ها نحن الآن نؤسس للقاعدة من داخل القرءان ، كان هذا حلمنا و ربّما حققناه قبل أن نغادر الحياة الدنيا. فرغم أننا سجلنا جهلنا للبنية أنذاك إلاّ أن آيات التحدي بتكرارها للفظ  "مثل" و ضعتنا على الطريق الصحيح، أنّ هذا الكتاب يحمل بنية خاصة به لا علاقة لأي لغة بشرية به.


تم في 14 فبراير 2024

إبراهيم بن نبي

تعليقات

  1. بارك الله في جهودكم وأيدكم بفتحه وهداه
    وفي انتظار المزيد في هذا البحث التفجيري.

    ردحذف
  2. أنا احاول جاهداً فهم ما كتبت غير اني لم أصل الى شئ. لكني سأقوم بقراءة الأجزاء التالية لعلى أصل إلى ما تريد شرحه. وفقك الله الى ما يحب ويرضى.

    ردحذف
  3. قد اختفت المواضيع القديمة،،،، 🙉👍

    ردحذف
  4. ليت المرحوم الأستاذ سمير إبراهيم خليل حسن كان حيا ليقرأ هذا الكشف..

    هل توصلت أستاذ إبراهيم بن نبي لشيء بعد الم؟

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معارج التأويل البيولوجي للفاتح الم

الجزء الثالث | المـ التنزيل - خطوة أولى في طريق فهم البنآء القرءاني